الحديث عن النظام الاقتصادي الدولي المعاصر يتوقف على فهمنا للتطورات الاقتصادية والمؤسّسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فما أن انتهت الحرب حتى بدأ العالم يتطلَّع إلى نظام جديد، وقد وُضِعت نواة النظام الاقتصادي الدّولي الجديد قبل نهاية الحرب، ولكن لم تكد فترة ما بعد الحرب تبدأ حتى خيَّم على العالم شكلٌ جديدٌ من الحرب الباردة بين حلفاء الأمس؛ الغرب تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشّرق تحت قيادة الاتحاد السوفييتي. وهكذا تكوَّن النظام الاقتصادي الدولي المقتَرَح تحت مقتضيات هذه الحرب الباردة، وفي العقد الأخير من القرن تحلَّل النظام الاشتراكي وانتهت الحرب الباردة. يعرض هذا الكتاب لأهم التطورات الاقتصادية على الساحة العالمية منذ نهاية الحرب الثانية، وبطبيعة الأحوال، فإن مثل هذا الاستعراض لا يمكن أن يكون تفصيليًّا وأن يحيط بكل شاردةٍ وواردةٍ، وإنما الغرض منه هو إلقاء نوع من النظرة البانوراميّة على الخطوط الرئيسيّة لأهم التطوات الاقتصاديّة العالميّة.