أصبوحة 180

لأن القراءة ضرورة وليست هواية

الله جميلٌ يحب الجمال

كاتب المقال: Touline Matine

2022-12-08



تأمُّلُ الأشياءِ في الطبيعة يحرك في النفس كتلة من المشاعر المختلفة؛ تتأرجح بين الحب والكره، والإعجاب والنفور، والراحة والتوتر. ومهما كان المنحى الذي تأخذه تلك المشاعر فإنها تترك إنطباعًا يعطيها صفة القبح أو الجمال؛ فهل الجمال يا ترى مطلق أم نسبي؟!

إنَّ اللهَ جميل؛ خلق الكون بدقة متناهية، وأبدع في تصوير كل شيء، من الذرة إلى المجرة، وخلق أجمل شيء في الوجود وهو الإنسان فأحسن تصويره ومنحه أعظم ميزة خلاف باقي المخلوقات وهي العقل، الذي به استطاع أن يدرك تناغم الأشياء وقيمتها الجمالية التي تظهر في أشكالها وألوانها وأصواتها.
فكلنا نجمع أن النجوم التي تجري في السماء، والعالم الحي تحت البحار، وفوق الأرض يشكل لوحة فنية متناسقة تدفع المتأمل للانبهار، وتؤجج الإبداع في داخله فيتقن تصويرها بمختلف أساليب الفن التي اخترعها كالرسم، والتمثيل، والغناء..الخ.

إذًا فإن كل شيء من صنع الله جميل؛ لأنه أعظم من أن يصنعه أحد غيره، وهذه هي القاعدة الأساسية التي تثبت بأن الجمال مطلق، وأنه في وصف الطبيعة لا وجود للقبح؛ لأن القبح هنا هو شعور بالنفور وليس تعبيرًا عن جمالية صنع الأشياء ودقتها اللامتناهية، لذا فهو جمال بحد ذاته.

والإنسان كما خلقه الله جميل، وهو بعقله وقدرته على التمييز استطاع الحكم على الأشياء نسبة لمعايير محددة وضعها بنفسه حسب ما يرتاح نظره، لأنه ربطها بذوقه وعواطفه فجردها من أي قاعدة أو قانون، ورجح نسبية الجمال.

تلك المعايير ترتبط بشكل ما بالبيئة والزمان التي حُددت فيها اعتمادًا على الملامح الأكثر شيوعًا، ولهذا فإن البشرة البيضاء والعيون الملونة مقياس جمال في بيئة ما، والسمراء كذلك ولكن في بيئتها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكم على الجمال يكون فرديًا، يتعلق بالمشاعر الشخصية ودرجة تأثرها بالشكل والصوت والرائحة؛ فيكون الجمال هو الحب؛ لذلك نرى من قد يراه الناس قبيحًا الأجمل في عيون محبيه << الولد في عيون أمه غزال>>.

وفي رحلة البحث عن الجمال للروح نصيب وافر، فمهما كانت الملامح متناسقة وومنظمة وخالية من العيوب فهذا لا معنى له والروح يملؤها السواد؛ لذا فإن لجمال الروح أهمية كبيرة في إعادة ترتيب معايير الجمال، وبشكل ما عندما يكون الإنسان نقي السريرة، سليم القلب، وحلو اللسان؛ فإن هذا سيظهر في ملامحه ويعطيه ميزة القبول، فيراه الناس جميلًا، والعكس وارد.

يبدو أن الصراع لا يزال قائمًا بين الفلاسفة والأدباء وغيرهم حول كون الجمال مطلقًا أم نسبيًا؟! لهذا وفي الخلاصة أرى أن الجمال مفردة قد تعني شيئًا واحدًا إصطلاحًا، ولكن لديها شعب مختلفة؛ فالجمال الذي وُجد قبل الإنسان مطلق ويشمل الإنسان أساسًا، والجمال النسبي شيء محدود يتعلق بالعقل والإدراك.
.
#ملاحظة: المقال يعبّر عن رأي كاتبه فقط، وليس بالضرورة عن رأي المشروع أو الصفحة.
.
#مقال_تثقيفي
#بعنوان: الله جميل يحب الجمال
#بقلم: Touline Matine
.

تأمُّلُ الأشياءِ في الطبيعة يحرك في النفس كتلة من المشاعر المختلفة؛ تتأرجح بين الحب والكره، والإعجاب والنفور، والراحة والتوتر. ومهما كان المنحى الذي تأخذه تلك المشاعر فإنها تترك إنطباعًا يعطيها صفة القبح أو الجمال؛ فهل الجمال يا ترى مطلق أم نسبي؟!

إنَّ اللهَ جميل؛ خلق الكون بدقة متناهية، وأبدع في تصوير كل شيء، من الذرة إلى المجرة، وخلق أجمل شيء في الوجود وهو الإنسان فأحسن تصويره ومنحه أعظم ميزة خلاف باقي المخلوقات وهي العقل، الذي به استطاع أن يدرك تناغم الأشياء وقيمتها الجمالية التي تظهر في أشكالها وألوانها وأصواتها.
فكلنا نجمع أن النجوم التي تجري في السماء، والعالم الحي تحت البحار، وفوق الأرض يشكل لوحة فنية متناسقة تدفع المتأمل للانبهار، وتؤجج الإبداع في داخله فيتقن تصويرها بمختلف أساليب الفن التي اخترعها كالرسم، والتمثيل، والغناء..الخ.

إذًا فإن كل شيء من صنع الله جميل؛ لأنه أعظم من أن يصنعه أحد غيره، وهذه هي القاعدة الأساسية التي تثبت بأن الجمال مطلق، وأنه في وصف الطبيعة لا وجود للقبح؛ لأن القبح هنا هو شعور بالنفور وليس تعبيرًا عن جمالية صنع الأشياء ودقتها اللامتناهية، لذا فهو جمال بحد ذاته.

والإنسان كما خلقه الله جميل، وهو بعقله وقدرته على التمييز استطاع الحكم على الأشياء نسبة لمعايير محددة وضعها بنفسه حسب ما يرتاح نظره، لأنه ربطها بذوقه وعواطفه فجردها من أي قاعدة أو قانون، ورجح نسبية الجمال.

تلك المعايير ترتبط بشكل ما بالبيئة والزمان التي حُددت فيها اعتمادًا على الملامح الأكثر شيوعًا، ولهذا فإن البشرة البيضاء والعيون الملونة مقياس جمال في بيئة ما، والسمراء كذلك ولكن في بيئتها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكم على الجمال يكون فرديًا، يتعلق بالمشاعر الشخصية ودرجة تأثرها بالشكل والصوت والرائحة؛ فيكون الجمال هو الحب؛ لذلك نرى من قد يراه الناس قبيحًا الأجمل في عيون محبيه << الولد في عيون أمه غزال>>.

وفي رحلة البحث عن الجمال للروح نصيب وافر، فمهما كانت الملامح متناسقة وومنظمة وخالية من العيوب فهذا لا معنى له والروح يملؤها السواد؛ لذا فإن لجمال الروح أهمية كبيرة في إعادة ترتيب معايير الجمال، وبشكل ما عندما يكون الإنسان نقي السريرة، سليم القلب، وحلو اللسان؛ فإن هذا سيظهر في ملامحه ويعطيه ميزة القبول، فيراه الناس جميلًا، والعكس وارد.

يبدو أن الصراع لا يزال قائمًا بين الفلاسفة والأدباء وغيرهم حول كون الجمال مطلقًا أم نسبيًا؟! لهذا وفي الخلاصة أرى أن الجمال مفردة قد تعني شيئًا واحدًا إصطلاحًا، ولكن لديها شعب مختلفة؛ فالجمال الذي وُجد قبل الإنسان مطلق ويشمل الإنسان أساسًا، والجمال النسبي شيء محدود يتعلق بالعقل والإدراك.
.
#ملاحظة: المقال يعبّر عن رأي كاتبه فقط، وليس بالضرورة عن رأي المشروع أو الصفحة.
#مقال_تثقيفي
#بعنوان: الله جميل يحب الجمال
#بقلم: Touline Matine
.

تأمُّلُ الأشياءِ في الطبيعة يحرك في النفس كتلة من المشاعر المختلفة؛ تتأرجح بين الحب والكره، والإعجاب والنفور، والراحة والتوتر. ومهما كان المنحى الذي تأخذه تلك المشاعر فإنها تترك إنطباعًا يعطيها صفة القبح أو الجمال؛ فهل الجمال يا ترى مطلق أم نسبي؟!

إنَّ اللهَ جميل؛ خلق الكون بدقة متناهية، وأبدع في تصوير كل شيء، من الذرة إلى المجرة، وخلق أجمل شيء في الوجود وهو الإنسان فأحسن تصويره ومنحه أعظم ميزة خلاف باقي المخلوقات وهي العقل، الذي به استطاع أن يدرك تناغم الأشياء وقيمتها الجمالية التي تظهر في أشكالها وألوانها وأصواتها.
فكلنا نجمع أن النجوم التي تجري في السماء، والعالم الحي تحت البحار، وفوق الأرض يشكل لوحة فنية متناسقة تدفع المتأمل للانبهار، وتؤجج الإبداع في داخله فيتقن تصويرها بمختلف أساليب الفن التي اخترعها كالرسم، والتمثيل، والغناء..الخ.

إذًا فإن كل شيء من صنع الله جميل؛ لأنه أعظم من أن يصنعه أحد غيره، وهذه هي القاعدة الأساسية التي تثبت بأن الجمال مطلق، وأنه في وصف الطبيعة لا وجود للقبح؛ لأن القبح هنا هو شعور بالنفور وليس تعبيرًا عن جمالية صنع الأشياء ودقتها اللامتناهية، لذا فهو جمال بحد ذاته.

والإنسان كما خلقه الله جميل، وهو بعقله وقدرته على التمييز استطاع الحكم على الأشياء نسبة لمعايير محددة وضعها بنفسه حسب ما يرتاح نظره، لأنه ربطها بذوقه وعواطفه فجردها من أي قاعدة أو قانون، ورجح نسبية الجمال.

تلك المعايير ترتبط بشكل ما بالبيئة والزمان التي حُددت فيها اعتمادًا على الملامح الأكثر شيوعًا، ولهذا فإن البشرة البيضاء والعيون الملونة مقياس جمال في بيئة ما، والسمراء كذلك ولكن في بيئتها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكم على الجمال يكون فرديًا، يتعلق بالمشاعر الشخصية ودرجة تأثرها بالشكل والصوت والرائحة؛ فيكون الجمال هو الحب؛ لذلك نرى من قد يراه الناس قبيحًا الأجمل في عيون محبيه << الولد في عيون أمه غزال>>.

وفي رحلة البحث عن الجمال للروح نصيب وافر، فمهما كانت الملامح متناسقة وومنظمة وخالية من العيوب فهذا لا معنى له والروح يملؤها السواد؛ لذا فإن لجمال الروح أهمية كبيرة في إعادة ترتيب معايير الجمال، وبشكل ما عندما يكون الإنسان نقي السريرة، سليم القلب، وحلو اللسان؛ فإن هذا سيظهر في ملامحه ويعطيه ميزة القبول، فيراه الناس جميلًا، والعكس وارد.

يبدو أن الصراع لا يزال قائمًا بين الفلاسفة والأدباء وغيرهم حول كون الجمال مطلقًا أم نسبيًا؟! لهذا وفي الخلاصة أرى أن الجمال مفردة قد تعني شيئًا واحدًا إصطلاحًا، ولكن لديها شعب مختلفة؛ فالجمال الذي وُجد قبل الإنسان مطلق ويشمل الإنسان أساسًا، والجمال النسبي شيء محدود يتعلق بالعقل والإدراك.
.

تنويه:

المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط، وليس بالضرورة عن رأي المشروع أو الصفحة.

مشاركة المقال