أصبوحة 180

لأن القراءة ضرورة وليست هواية

تجارة التعليم

كاتب المقال: سهام السيريسي

2022-12-01


.
التَعْليمُ والتعلمُ مِن أعظمِ الرسالاتِ بل هو ميراثُ الأنبياءِ والمرسلينَ وديننا الحنيف حببنا فِي العِلمِ لذٰلكَ أولُ ما نزل هو قوله تعالى " أقرأ " وللتأكيد على أهمية التعليم قال تعالى "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا" [طه: 114]
وسلفُنا الصَّالحِ كانوا يعلمون ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ تَعالى فأصبحتْ كُتبَهُم رسالات تدرسُ في الجامعات، وسيرتهُم تُتلى على المنابر،وهديهم سبيلُ لكلِ سائر.

وللأسفِ تحوّل التعليمُ فِي وقتنا الحالي مِن مُهِمّةٍ ذاتِ رسالة سامية إلىٰ سلعةٍ تباعُ، وتشترىٰ، يُتَجُرُ بِها بكل بساطة والذي يدفعُ أَكْثَر يحصلُ علىٰ أعلىٰ الشهاداتِ.
حيث انتقلَ التعليمُ مِن المدارسِ، والجامعاتِ المجهزة لخدمةِ الطالبِ مِن معلمين، وموجهين، وإداريين إلى الدروسِ الخصوصية التي استنزفتٍ أموالِ الفقراء، وزادت مِن جشّع دكاترة يعتمرون عمامة العلم المزيفة التي تغطي نهمهم للمالِ.

وأصبحَ التسجيلُ بالتخصصاتِ التي عليها إقبالٌ، وسوق عمل يحتاج إلى دفع الكثير لينال المراكز الأولى، وهٰذا يفسر تأخر منح الشهادات لعوامِ الطلاب.
والكارثةُ الكُبرى أن مَن كَانَ لهُ واسِطة يدخلُ التخصص الذي يريد بأقلِ الدرجات، ولذٰلك تدهورَ التعليم، وتأخر الوطن من حبس المواهب، وباتت الكوادر ضعيفة هزيلة لا تقدم شيئا للوطن سوى المظاهر الزائفة والألقاب العالية.

وإذا ما صنفنا التعليم وجدناه ينقسم إلى قسمين، الأول: مستوى عالِ في المدارس التي تُغدق عليها الأموال، و الثاني: متدني في المدارس الأقل حظا التي لا عناية فيها.
و كأن التعليم أصبح حلوى لا ينالها إلا من دفع أثمان مثمنة، فكم من طالب حُرم الاختبار لعدم دفعه الأقساط كاملة! ، وكم من طالب حُرم لذة التخصص الذي يحلم به جراء عدم مقدرته المالية!

كذلك بالنسبة للتعليم العالي والجامعات التي تمص دم الطالب لدفع الأقساط لكل فصل، وفي آخر المطاف يتخرج أصحاب المقاعد للحصول على شهادة التخرج وإذ بهم يتفاجئون بطلب دفع مبالغ باهظة، أي تجارة تلك!

ويا له من استغلال مُحزن لشبابنا وحقهم بالتعليم دون قهر وظلم!
فهنيئًا لمن يقدم العلم الحقيقي الذي لا يُباع ولا يُشترى، ويعطي كل ذي حق حقه؛ ليتقدم المجتمع وتنهض أمتنا وترتقي.
.

تنويه:

المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط، وليس بالضرورة عن رأي المشروع أو الصفحة.

مشاركة المقال