أصبوحة 180

لأن القراءة ضرورة وليست هواية

الحلقة المفقودة

كاتب المقال: H'djila Recham

2022-11-15



سبل الحياة الكثيرة، وخياراتها العديدة، دائمًا ما تضع الإنسان في حيرة؛ فتجده باحثًا عمن يساعده على اتخاذ قرارات صائبة، وهنا يتجلى دور الموجه والمرشد في إعانة المرء على رؤية الأمور بصورة واضحة، وإرشاده إلى الطريق الذي يمكنه من بلوغ غاياته المنشودة.

ويعرَّف التوجيه والإرشاد بكونه الخدمة التي تُقدَّم للفرد؛ بهدف مساعدته على اتخاذ قراراته المصيرية، وذلك من خلال تسليط الضوء على ميولاته، قدراته، وطموحاته المستقبلية، وتزويده بكافة المعلومات المهمة، سواء عن المرحلة الحالية أو عن المرحلة المستقبلية؛ ليتمكن بذلك من الاختيار، واتخاذ قرارات صائبة.

ولا بد من أن يُشرف على عملية التوجيه والإرشاد شخص مختصّ، وكما يعدّ ضروريًا أيضًا تعاون عدّة أطراف لإتمام هذه العملية؛ بدءً من المعنيّ بالأمر وأهله، ووصولًا إلى المؤثرين عليه في محيطه؛ كالمعلم في حالة التوجيه التربوي مثلًا. ولعل أكبر عائق أما نجاح هذه العملية هو تأثر الفرد بالآراء العائلية والأحكام المجتمعية، إذ نجد العائلة والمجتمع وراء اختيار الأفراد لأمور عديدة، ولعل أبرزها اختيارهم لتخصصات دراسية معينة ونفورهم من أخرى.

والأكيد أن هذا الإقبال المفرط على تخصصات دون الأخرى، ناتج عن غياب التوجيه والإرشاد أو سوء ممارستهما، ولعل هذا التأثير السلبي لا يقف عند ذلك؛ فسوء التوجيه يؤدي إلى سوء تقدير الفرد لنفسه؛ نتيجة تواجده في بيئة لا تناسبه، ولا تتيح له فرصة لإثبات قدراته، وهو من جهة أخرى سبب تراجع مستوى التحصيل العلمي لدى التلميذ، ولا يجب أن نغفل أبدًا عن كونه تسبب في ضياع طاقات شبابية هائلة، وإهدار ميزانيات ضخمة.

بالمقابل، فإن للتوجيه والإرشاد الجيد فوائد كثيرة، وتأثيرا إيجابيّا على الفرد والمجتمع؛ فبفضله يستطيع الفرد تحقيق ذاته؛ وتفادي الصراعات الداخلية الناتجة عن سوء الاختيارات الدراسية أو المهنية مثلًا، ويكتسب القدرة على تقييم ذاته، فهمها وتوجيهها، وكما أنه يُعتبر نقطة تحول؛ إذ أنه يتيح للفرد الفرصة لتصحيح وتدارك الاختيارات والقرارات الخاطئة المتخذة سابقا، وهو بعد هذا كلّه يتيح للشخص إمكانية أن يكون فعالًا في مجتمعه.

إن معظم المشاكل التي يعاني منها الفرد اليوم تلتقي في نقطة واحدة؛ ألا وهي سوء أو غياب التوجيه في مجال من المجالات، أو مرحلة من المراحل العمرية التي مر بها، وربما على المرء محاولة تدارك ذلك، والرجوع عن القرارات الخاطئة بقدر المستطاع، ثم السعي لاتخاذ القرارات المستقبلية بعقلانية لا بعشوائية؛ حتى يمنع ظهور المزيد من الفجوات في حياته.

تنويه:

المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط، وليس بالضرورة عن رأي المشروع أو الصفحة.

مشاركة المقال